التصاريح بالمكاسب: نشر، ورقمنة، ومراقبة

بعد سبع سنوات من سقوط الدكتاتورية، لا يزال الفساد وهشاشة الثقة بين النخب السياسية ومسؤولي الدولة من بين المشاكل المتوطنة التي تعاني منها تونس. غير أن هذه الظواهر ليست حتمية. وتوجد آليات لاحتوائها وتعزيز ثقة المواطنين في ممثليهم. وإذا ما نُفِّذ التصريح بالمكتسبات تنفيذا سليما، فإنه سيكون أداة فعالة لمكافحة الإثراء غير المشروع، تضارب المصالح، ومن ثمة اعادة الثقة.

احتفل القانون المنظم للتصريح بالمكاسب في تونس سنة 2017 الماضية بمرور ثلاثين سنة على إحداثه. وهذه الذكرى تتزامن مع مراجعة مجلس نواب الشعب لهذا لإطار القانوني المنظم والمبادرات التشريعية المقدمة من طرف السلطتين التنفيذية والتشريعية. هذه النصوص تهدف إلى تحيين الإجراءات وملائمتها للمتطلبات الدستورية المذكورة في الفصل الحادي عشرة من دستور سنة 2014 الذي ينص أن “على كل من يتولى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو عضويتها أو عضوية مجلس نواب الشعب أو عضوية الهيئات الدستورية المستقلة أو أي وظيفة عليا أن يصرح بمكاسبه وفق ما يضبطه القانون.

لكن ثلاثين سنة من عمر قانون “التصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة وبعض الأصناف من الأعوان العموميين” لا تجعل بالضرورة منهم أشخاصًا أكثر نزاهة كما تبين ذلك حصيلة العقود الثلاث الماضية. خاصة عندما يتعلق الأمر بالسعي للسيطرة على “التلاميذ السيّئين” تونس، على عكس الكثير من البلدان الأخرى، لم تحصّن نفسها بالهيئات الرقابية أو حتى عبر العقوبات، جاعلة من مسألة الشفافية خيارا شخصيا لا مسألة ملزمة. وقبل سن قانون جديد، من الضروري استعراض تطبيق قانون عام 1987، الأخطاء التي ارتكبت، والعيوب الكامنة فيه للحوْل دون تكرارها.

لتقييم هذه السياسة العامة، قمنا اِستنادا على القانون المنظم للنفاذ للمعلومة، بطلب الحصول على قاعدة بيانات دائرة المحاسبات بالمصرحين على ممتلكاتهم في السنوات الثلاثين الأخيرة. بالقيام بجرد حصيلة العقود الثلاث الماضية، وبتحليل دقيق ومعمق لقائمات المصرحين بممتلكاتهم من أعضاء الحكومات من سنة 2011 إلى سنة 2016، تفطنا في برّ الأمان للعديد من الفجوات على مستوى القانون وعلى مستوى إجراءات التصريح كذلك. قمنا أيضا بالتساؤل حول إرادة المشرّع في السلطتين التشريعية والسلطة التنفيذية إما من خلال تحليل المداولات البرلمانية في مارس 1987 أو من خلال مقابلة مع الوزير الأول آنذاك رشيد صفر، المبادر بطرح فكرة هذا القانون. وفي حين شكك عدد من أعضاء برلمان 1987 في فعالية إجراءات مراقبة التصريح بالمكاسب، قال الوزير الأول آنذاك إن الغرض من هذا القانون ليس وضع إجراءات رقابية، وإنما خلق “تأثير نفساني” يردع مسبقا أي عمل من أعمال الإثراء غير المشروع.

لإعداد هذه الدراسة، قمنا بإجراء لقاءات، الإطلاع على بعض تقارير لمنظمات مختصّة مثل منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، منظمة الشفافية الدولية، والتجارب المقارنة، لكن كذلك النصوص القانونية الجارية أو المقترحة على البرلمان، واستأنسنا أيضا بالنقاشات البرلمانية التي تعود لربيع سنة 1987.

عملنا قادنا إلى صياغة المقترحات التالية:

  • النشر: التصاريح ينبغي أن توضع في متناول المواطنين حتى يتمكنوا من كسب الثقة مجددا في مؤسسات الدولة وممارسة حق الرقابة على ممثليهم.
  • الرقمنة: التصاريح ينبغي أن تكون مرقمنة حتى يتم الضغط على تكاليف التصرّف وتسهيل استغلالها وخاصة إختصار الفترة التي تتطلبها إجراءات التصريح.
  • المراقبة: المراقبة يجب أن تكون منهجية خصوصا على المواقع الأكثر أهمية، وبصفة عشوائية على نسبة ما من بقية المهام المدرجة بقاعدة البيانات.

تمّ تقديم مقترحات لتعديل صيغة مشروع القانون المطروحة على لجنة التشريع العام خلال استماع لفريق بر الأمان، وجمعيتي البوصلة وأنا يقظ.

يمكنكم الاطلاع على مقترحات التعديل التي قدّمها فريق بر الأمان:

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download

لتحميل التعديلات في شكل word:

التقيحات المقترحة من بر الامان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *