هو اجتماع من اجتماعات بلدية تونس في قاعة شبيهة بمجلس نواب الشعب في باردو. اجتماع تؤخذ فيه القرارات و تحسم فيه مسائل تمس كل من يعيش أو يمرّ بالعاصمة التونسية. هو اجتماع المجلس البلدي، والذي يكتسي صبغة تاريخية، إذ يمكن أن يكون الأخير الذي تعقده النيابة الخصوصية لبلدية تونس قبل أول انتخابات بلدية بعد الثورة.
لكن لا يبدو أن الجميع قد كانوا واعين بهذا الشيء، اذ لم يكن أي شيء الأمس يعكس الخصوصية التاريخية لهذه الجلسة: فحضور أعضاء النيابة الخصوصية، برئاسة السيد سيف الله لصرم، لم يكن كاملاً: 13 عضو من أصل 21 تمّت تسميتهم في أفريل 2017. أما المواطنين فلم يتعد عددهم العشرة، في بلدية تجمع زهاء 800 الف ساكن، وهي الأكبر من حيث الحجم العمراني في البلاد التونسية. رغم الصبغة التاريخية والرمزية لهذه الجلسة، لم يتم التذكير ولو لمرة واحدة بأن الجلسة القادمة سوف تكون (إن شاء الله) بممثلين منتخبين مباشرة من متساكني العاصمة. وتمّ، عوض ذلك، كالعادة اتّباع جدول الأعمال التقليدي والذي انقسم إلى أربع أجزاء ضمت في مجملها جملة المسائل المالية، والإدارية، والعقارية.
قامت البلدية على سبيل الذكر في سنة 2011 ببيع محجوزات من أدوات البناء كانت على ملك أحد المواطنين على إثر مخالفة بناء، قيمتها الجملية كانت في حدود 770 دينارا. ثم تم التفويت فيها بالبيع على وجه الخطأ في إطار بتة عمومية لفائدة البلدية، مع العلم أن القانون المنظم يمنع على البلدية التفويت في المحجوزات التي ما تزال على ذمة تحقيق عدلي. وانتهى مجلس النيابة الخصوصية إلى أحقية المواطن بالتعويض عن قيمة المحجوز بالإجماع.
نظر مجلس النيابة في قضية أرض معدة لخدمات النقل البري تم التفريط فيها بثمن قدره 854,000 د سنة 2007 لفائدة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، أوتيكا. غير أن نزاعا على ملكيتها قد أثير لاحقا عبر أحد المواطنين الذي اتجه للقضاء العدلي لإثبات ملكيته للأرض، مما تسبب في تعطل استغلالها، وحدا بالمجلس مناقشة إمكانية إجراء معاوضة عقارية بين البلدية والاتحاد على سبيل التعويض.
في ملف آخر، تسعى البلدية إلى التفويت في عمارات قائمة بنهج مرسيليا بالبيع لفائدة شاغليها، بحجة أن أشغال الصيانة بعد مرور سنوات على نشأتها قد أصبحت مكلفة وصعبة المتابعة. في هذا السياق، لفت أحد أعضاء المجلس انتباه الجميع إلى أنه رغم متابعته لملف الملكيات العقارية للبلدية، فإنه لم يتمكن من الحصول على كل العقود التي أمضتها البلدية مع مسوغين لملكياتها، وهو ما عطل متابعة ملفات النزاعات أو تحيين الرسوم. في هذا الخصوص، أشارت الكاتبة العامة إلى أن النيابة الخصوصية شرعت في القيام بجرد واسع لممتلكاتها وللعقود التي تربطها بمختلف منظوريها منذ سنة 2016، حيث أوقعت الأخطاء في تحديد ملكية العقارات والأراضي البلدية سابقا في مآزق مكلفة جدا.
خمس وستون يوما تفصلنا عن موعد الانتخابات المحلية الأولى، 7 سنوات بعد نهاية حقبة النظام الكلياني. الإطار التشريعي والقانوني يتطور في الأثناء بشكل متسارع، لكن هل سيواكب الانخراط المواطني في العمل المحلي ذلك؟