Affiche Main basse sur l'eau. DR Affiche Main basse sur l'eau. DR

في البورصة، أسهم ‘الماء’ في ارتفاع!

يعيش العالم في العشرية الأخيرة على وقع آثار التغيرات المناخية والتحديات التي يسببها. بين الحرائق المتزايدة وأزمات الجفاف، أضحى الضغط على الموارد المائية من أكبر الإشكاليات التي تهدد مستقبل مناطق كثيرة في العالم. 

في تونس، تمثل ندرة المياه موضوعا حارقا، بالنظر إلى عدد الاحتجاجات الاجتماعية التي كان محورها، وفي سياق التداول حول مشروع مجلة المياه التي من المنتظر عرضه للنقاش في مجلس النواب.

نظم مركز بر الأمان، يوم الجمعة 10 جانفي، عرض لشريط وثائقي حول “الاستثمار في الماء في الأسواق المالية” كحلّ اعتمدته بعض البلدان التي تعاني ندرة في الموارد المائية، للتصرف فيها بنجاعة، وذلك بحضور مجموعة من المهتمين والباحثين في هذا الشأن.


يرى المؤيدون لهذه الفكرة في الوثائقي أن قانون السوق هو أنجع الحلول لمجابهة تبذير الماء أوقات الندرة. اذ ان ارتفاع سعر هذا المورد في أيام الجفاف، ستدفع المواطنين للاقتصاد فيه و احكام استخدامه.

يتوقّف الشريط لاحقا ليصوّر معاناة مستعملي المياه من مواطنين وفلاحين منذ وضع إدارة المياه في يد الشركات التجارية أو الأسواق المالية. انجرّ عن هذه السياسة تآكل قدرتهم على الولوج إلى هذا المورد الحياتي وبالتالي تدهور فلاحتهم ومشاريعهم في تربية الأبقار. 

أشار المستهلكون إلى خطورة السوق المالية التي فتحت باب المضاربة في هذا المجال، بما يسمح بمراكمة الأرباح لدى رؤوس الأموال، خاصة في فترات الندرة التي يرتفع خلالها سعر الاستهلاك. 

تفاعلا مع الوثائقي، استهلّ الحاضرون الحوار بجلب الانتباه الى أن السيناريو الذي ينقله الفيلم قد يكون أفقا مطروحا لتونس في قادم السنوات، خاصة مع بداية محاكاة التجربة الاسترالية في بلدان أخرى وتكاثر تجارب البلدان التي قامت بخوصصة إدارة مواردها المائية. 

لكن أشار بعض الحاضرين الى أن الندرة في بعض الأحيان قد تكون لا فقط نتاج التغيرات المناخية بل أيضا من فعل الإنسان و السياسات العامة التي تسمح للفلاحين بممارسة مشاريع مستنزفة للمياه في مناطق الجفاف على غرار تربية الأبقار في أستراليا، و غراسة الزيتون السقوي للتصدير في تونس.

https://www.researchmedia.org/podcast/s2ep3ar/

في السياق التونسي، تمحورت تساؤلات الحاضرين حول مشكلتين أساسيتين في هذا المجال: هل من المنطقي الحديث عن خوصصة قطاع المياه في تونس؟ وهل أن السوق المالية هو الحل الأمثل لمستقبل أزمة ندرة الماء؟

استهلّالنقاش بالتذكير بأنّ النسخة الحكومية الحالية لمجلة المياه الجديدة تفتح المجال للقطاع الخاص للتدخل في كافة مراحل استغلال المياه من التعبئة الى التطهير. وأن الدولة فضّلت الاقتراض لدعم الشراكة بين العام والخاص في تحلية المياه بدلا عن دعم ميزانية الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لصيانة القنوات و التقليص من الخسائر التي تبلغ 42%.

برّر البعض ميل الدولة نحو دعم القطاع الخاص بسوء التصرف الذي ينخر المؤسسات العمومية بشكل عام من إدارات جهوية وجمعيات مائية والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه على وجه الخصوص. وهذا يشكل عاملا غير محفّز لاستثمار أموال جديدة في هذه المنشأة العمومية الى حد اعادة هيكليتها. 

في حين، رأى آخرون أن هذا التبرير ينم عن قناعة غير ملموسة بحتميّة فساد و عدم نجاعة التجارب التي يسيّرها القطاع العام في حين أن هذه الشركات كانت في صحة مالية جيدة في فترة انشائها ما بعد الاستقلال.

يرى هؤلاء أن خوصصة قطاع المياه سيمسّ من السيادة الوطنية، خاصّة وأن الحق في الماء هو حق أساسي ومضمون بالدستور ولا بد للدولة أن تتكفّل بتوفيره.

تناول بعد ذلك الحاضرون بالنقاش نجاعة اعتماد السوق كوسيلة للحد من وطأة ندرة المياه. 

فاعتبر أحد الحاضرين أنه على الرغم من أن قانون السوق هي أحد السبل التي قد يتمّ انتهاجها لمكافحة شح الموارد المائية لكنّها، لا يمكن أن تكون ناجعة. إذ عاشت تونس في  2008 على وقع أزمة الغذاء العالمية، حيث أدت المضاربة بأسعار القمح والأغذية الأساسية في الأسواق المالية العالمية الى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار اندلعت على إثره العديد من الاحتجاجات. 

لذلك، لا يمكن أن تكون السوق المالية حلاّ في ظل الاحتجاج الاجتماعي المشروع حول الحق في الماء. بل ستأذن بتأزيم الوضع. 

من جهته، قال أحد المتدخلين أنه من غير المجدي شيطنة السوق لأن المضاربة هي أصل الداء. بل أن احداث سوق يتاجر فيها الفلاحون في ما بينهم بحصتهم من الماء خلال سنوات الجفاف قد يكون حلا ممكنا.

رأى هذا المتدخل أنه يجب اعتماد نظام الحصص، ويعني ذلك أن تقوم السلطات المعنية كل سنة بتقييم الكميات الموجودة و تحديد نسب توزيع لكل نشاط أو منطقة. كأن يسند نسبة استعمال معينة من الموارد المتوفرة تسند للمجال الحضري ونسبة للمجال الريفي أو الفلاحي. 

بهذه الطريقة، يقع تمكين الفلاحين من حقّهم في كميّة من الماء سنويّا يتفقون على اثرها على نوعية الزراعات الممكنة بتلك الموارد، و يستطيعون بيعها وشراءها فيما بينهم. كما يمكّن هذا الحلّ شركة توزيع المياه من شراء حصص من يريد بيع حصته من الماء في حالة احتاجت الشركة الى موارد اضافية. يقول المتدخل أن هذه السوق ستمنع الشركة الوطنية من قطع الماء على الفلاحين كما تفعل اليوم.

في نظر البعض الأخر من المتدخلين، لن يمنع هذا الحل من تفشي اللامساواة بين الأثرياء وضعاف الحال من الفلاحين على اعتبار الاختلاف في قدرتهم على شراء الماء. 

خلص المتحاورون الى أن مسألة الماء يجب أن تحظى باهتمام أكبر من قبل المسؤولين التونسيين وفي الحوار العام بطريقة توصل أصوات المتظاهرين الذين لا يتمّ سماعهم. ولكي ينبع الحديث حول الموضوع من المواطنين الذين يتأثرون مباشرة بشحّ الموارد المائية، ولا ينحسر في الحلقات التي تديرها المؤسسات الممولة.

اليكم نسخة من مشروع مجلة المياه:

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *